الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: السلوك لمعرفة دول الملوك (نسخة منقحة)
ولما كان بهذه المثابة، وقد فتح الفتوحات التي أجزل الله بها أجره وضاعف ثوابه، وله أولياء النجوم ضياء، وكالأقدار مضاء، وكالعقود تناسقا، وكالوبل تلاحقا إلى الطاعة وتسابقا، رأي ألا ينفرد عنهم بنعمة، ولا يتخصص ولا يستأثر. بمنحة غدت بسيوفهم تستنقذ، وبعزائمهم تستخلص، وأن يؤثرهم على نفسه، ويقسم عليهم الأشعة من أنوار شمسه، ويبقي للولد منهم وولد الولد، ما يدوم إلى آخر الدهر ويبقي على الأبد، ويعيش الأبناء في نعمته كما عاش الآباء، وخير الإحسان ما شمل وأحسنه ما خلد. فخرج العالي لا زال يشمل الأعقاب والذراري، وينير إنارة الأنجم الدراري، أن يملك أمراؤه وخواصه الذين يذكرون، وفي هذا المكتوب يسطرون، ما يعين من البلاد والضياع، على ما يشرح ويبين من الأوضاع، وهو الأتابك فارس الدين أقطاي الصالحي عتيل بكمالها، الأمير جمال الدين إيدغدي العزيزي النصف من زيتا، الأمير بدر الدين بيسري الشمسي الصالحي نصف طور كرم، الأمير بدر الدين بيليك الخازندار نصف طوركرم، الأمير شمس الدين الذكر الكركي ربع زيتا، الأمير سيف الدين قلج البغدادي ربع زيتا، الأمير ركن الدين بيبرس خاص ترك الكبير الصالحي أفراسين بكمالها، الأمير علاء الدين أيدكين البندقدار الصالحي باقة الشرقية بكمالها، الأمير عز الدين أيدمر الحلبي الصالحي نصف قلنسوة، الأمير شمس الدين سنقر الرومي نصف قلنسوة، الأمير سيف الدين قلاوون الألفي الصالحي نصف طيبة الاسم، الأمير عز الدين إيغان سم الموت نصف طيبة الاسم، الأمير جمال الدين أقوش النجيبي نائب سلطة الشام أم الفحم بكمالها من قيسارية، الأمير علم الدين سنجر الحلبي الصالحي بتان بكمالها، الأمير جمال الدين أقوش المحمدي نصف بورين، الأمير فخر الدين ألطنبا الحمصي نصف بورين، الأمير جمال الدين أيدغدي الحاجبي الناصري نصف بيزين، الأمير بدر الدين بيليك الأيدمري الصالحي نصف بيزين، الأمير فخر الدين عثمان ابن الملك المغيث ثلث حلبة، الأمير شمس الدين سلار البغدادي ثلث حلبة، الأمير صارم الدين صراغان ثلث حلبة، الأمير ناصر الدين القيمري نصف البرج الأحمر، الأمير سيف الدين بلبان الزيني الصالحي نصف البرج الأحمر، الأمير سيف الدين إبتامش السعدي نصف يما، الأمير شمس الدين آقسنقر السلاح دار نصف يما، الملك المجاهد سيف الدين إسحاق صاحب الجزيرة نصف دنابة، الملك المظفر صاحب سنجار نصف دنابة، الأمير بدر الدين محمد بن ولد الأمير حسام الدين بركة خان دير القصون بكمالها، الأمير عز الدين أيبك الأفرم أمير جاندار نصف الشويكة، الأمير سيف الدين كرمون أغا التتري نصف الشويكة، الأمير بدر الدين الوزيري نصف طبرس، الأمير ركن الدين منكورس الديداري نصف طبرس، الأمير سيف الدين قشتمر العجمي علار بكمالها، الأمير علاء الدين أخو الدويدار نصف عرعرا، الأمير سيف الدين قفجق البغدادي نصف عرعرا، الأمير سيف الدين دكجل البغدادي نصف فرعون، الأمير علم الدين سنجر الأزكشي نصف فرعون، الأمير علم الدين طرطج الأسدي أقتابة بكمالها، الأمير حسام الدين إيمتش بن أطلس خان سيدا بكمالها، الأمير علاء الدين كندغدي الظاهري أمير مجلس الصفرا بكمالها، الأمير عز الدين أيبك الحموي الظاهري نصف أرقاح، الأمير شمس الدين سنقر الألفي نصف أرقاح، الأمير علم الدين طيبرس الظاهري نصف باقة الغربية، الأمير علاء الدين التنكري نصف باقة الغربية، الأمير عز الدين الأتابك الفخري القصير بكمالها، الأمير علم الدين سنجر الصيرفي الظاهري أخصاص بكمالها، الأمير ركن الدين بيبرس المغربي نصف قفين، الأمير شجاع الدين طغربل الشبلي أمير مهمندار نصف كفر راعي، الأمير علاء الدين كندغدي الحبيشي مقدم الأمراء البحرية نصف كفر راعي، الأمير شرف الدين بن أبي القاسم نصف كسفا، الأمير بهاء الدين يعقوب الشهرزوري نصف كسفا، الأمير جمال الدين موسى بن يغمور أستادار العالية نصف برنيكية، الأمير علم الدين سنجر الحلي الغزاوي نصف برنيكية، الأمير علم الدين سنجر نائب أمير جاندار نصف حانوتا من أرسوف، الأمير سيف الدين بيدغان الركني فرديسيا بكمالها من قيسارية، الأمير عز الدين أيدمر الظاهري نائب الكرك ثلث حبلة من أرسوف، الأمير جمال الدين أقوش السلاح دار الرومي ثلث حبلة، الأمير شمس الدين سنقر جاه الظاهري ثلث حبلة، الأمير بدر الدين بكتاش الفخري أمير سلاح ثلث جلجولية، الأمير علاء الدين كشتغدي الشمسي ثلث جلجولية، الأمير بدر الدين بكتوت بجكا الرومي ثلث جلجولية الدين بكتاش الفخري أمير سلاح ثلث جلجولية، الأمير علاء الدين كشتغدي الشمسي ثلث جلجولية، الأمير بدر الدين بكتوت بجكا الرومي ثلث جلجولية.وكتب من كتاب التمليك الشرعي الجامع نسخ، وفرقت على كل أمير نسخة، وخلع على قاضي دمشق وعاد إلى بلده. ونقلت المنجنيقات إلى القلاع، وهي الكرك وعجلون ونحوهما.ورحل السلطان من أرسوف بعد استكمال هدمهما في يوم الثلاثاء ثالث عشري شهر رجب إلى غزة وسار منها إلى مصر، فخرج الملك السعيد والأتابك عز الدين الحلي نائب السلطة إلى لقائه ببركة الحجاج، فلقوه هناك. ودخل السلطان من القاهرة في يوم الخميس حادي عشر شعبان والأسري بين يديه حتى خرج من باب زويلة، وصمد إلى قلعة الجبل فاستراح. وعرض ما حصله الأمير عز الدين الحلي، والصاحب بهاء الدين بن حنا من الخزائن، ولم يترك أحدا من أمير ولا وزير ولا مقدم ولا مفردي، ولا أحدا من خواصه ولا بزداريته، وبردداريته وسائر حواشيه، حتى عم الجميع بالخلع وأحسن إلى رسل الملك بركة، وكتب إلى اليمن وإلى الأنبرور بالبشارة، وأخرج جملة من الدراهم والغلة الكساوي تصدق بها على الفقراء.وكان قد كثر الحريق بالقاهرة ومصر في مدة سفر السلطان، وأشيع أن ذلك من النصاري. ونزل بالناس من الحريق في كل مكان شدة عظيمة، ووجد في بعض المواضع التي احترقت نفط وكبريت. فأمر السلطان بجمع النصارى وإليهود، وأنكر عليهم هذه الأمور التي تفسخ عهدهم وأمر بإحراقهم. فجمع منهم عالم عظيم في القلعة، وأحضرت الأحطاب والحلفاء، وأمر بإلقائهم في النار، فلاذوا بعفوه وسألوا المن عليهم. وتقدم الأمير فارس الدين أقطاي أتابك العساكر فشفع فيهم، على أن يلتزموا بالأموال التي احترقت، وأن يحملوا إلى بيت المال خمسين ألف دينار. فأفرج عنهم السلطان، وتولي البطرك توزيع المال، والتزموا ألا يعودوا إلى شيء من المنكرات، ولا يخرجوا عما هو مرتب على أهل الذمة، وأطلقوا.وكان الأمير زامل بن على لا تزال الفتنة بينه وبين الأمير عيسي بن مهنا بن مانع بن حديثة بن غضبة بن فضل بن ربيعة. فلما طلعت العساكر إلى الشام مع الأمير طيبرس قبضوا على زامل بالبلاد الحلبية، وحمل إلى قلعة عجلون. ثم نقل إلى القاهرة واعتقل، ثم أفرج عنه وصار يلعب مع السلطان في الميدان، وحضر الأمير شرف الدين عيسي ابن مهنا وأحمد بن حجي والأمير هارون، وأصلح السلطان بينهم وبين زامل، ورد على زامل إقطاعه وإمرته، وأذن لهم في السفر. فساروا حتى دخلوا إلى الرمل، فساق زامل وهجم على بيوت عيسي وأفسد، وقبض على قصاد السلطان المتوجهين إلى شيراز، وأخذ منهم الكتب وسار بها إلى هولاكو وأطمعه في البلاد، فأعطاه هولاكو إقطاعا بالعراق.وسافر زامل إلى الحجاز فنهب وقتل، وعاد إلى الشام، وكان السلطان قد أعطي إقطاعه لأخيه أبي بكر، فضاقت عليه الأرض، وكتب يطلب من السلطان العفو، فقرر السلطان معه الحضور إلى مدة عينها له، وإنه متى تأخر عنها فلا عهد له ولا أيمان فلما تأخر عن المدة المعينة وحضر بعدها قبض عليه، واعتقل بقلعة الجبل.وفي خامس عشريه: جلس السلطان بدار العدل، وطلب تاج الدين بن القرطي، فلما حضر قال السلطان له: أضجرتني مما تقول. عندي مصالح لبيت مال المسلمين، فتحدث الآن بما عندك فتكلم القرطي في حق قاضي القضاة، وفي حق صاحب سواكن، وقال: إن الأمراء الذين ماتوا أخذ ورثتهم أكثر من حقوقهم. فأمر السلطان بإحضار زيار، وأراه لمن حضر وقال: من يصبر على هذا الزيار يستكثر عليه إقطاع، أو يستكثر على ورثته موجود يخلفه لهم؟ وأنكر عليه وأمر به فحبس وتحدث السلطان في أمر الجند، وإنهم إذا كانوا في البيكار وفي مواطن الجهاد لا يصل إليهم شاهد، فيشهد أحدهم أصحابه عند موته، فإذا حضروا لا تقبل شهادتهم، وتضيع أموال الناس بهذا السبب. وقال: الرأي أن كل أمير يعين من جماعته من فيه دين وخير ليسمع قوله، وكل مقدم وكل جماعة من الجند يعين من فيها ممن هو من أهل الخير والصلاح، لتسمع أقوالهم، حتى تحفظ أموال الناس. فسر الأمراء بذلك، وشرع قاضي القضاة في اختيار الناس الجياد من الجند لذلك.وجلس السلطان في تاسع عشريه بدار العدل، فوقف شخص وشكا أن من سكن في شيء من الأملاك الديوانية لا يمكن من الخلو، فأنكر السلطان ذلك وأمر بتمكين الساكن من الخلو عند انقضاء الإجارة. ووردت رسل الأنبرور، ورسل الملك الأشكري، بالهدايا.وفي سابع شهر رمضان: قدمت العساكر من البيرة، مع الأمير جمال الدين المحمدي، والأمير عز الدين إيغان. وقدمت هدية ملك الكرج. وورد الخبر باستيلاء عز الدين الكندري نائب الرحبة على قرقيسياء، وقتلوا من كان فيها من التتر والكرج، وأسروا نيفا وثمانين رجلا في نصف شهر رمضان.وفيه رسم بتحصيل المراكب لتفرق في بحر أشموم، فلما كان ثاني شوال سار السلطان إلى أشموم بنفسه، وقسم عمل البحر على الأمراء، وعمل بنفسه وحمل القفة مملوءة بالتراب على كتفه، والناس تشاهده فوقع الاجتهاد في الحفر، واستمر السلطان على العمل بنفسه في كل يوم، وصار يركب في المراكب وتفرق المراكب قدامه. فتنجز العمل في ثمانية أيام، وتكامل الحفر في بحر أشموم، وفي الجهة التي من ناحية جوجر وسار السلطان إلى منزلة ابن حسون، وعاد إلى قلعة الجبل في حادي عشريه.ورسم بإبطال حراسة النهار بالقاهرة ومصر وكانت جملة كبيرة، وكتب توقيع بإبطالها، وكتب أيضاً بمسامحة الأعمال الدقهلية والمرتاحية أربعة وعشرين ألف درهم نقرة عن رسوم الولاية والمال المستخرج برسم النقيدي وتوجه شجاع الدين بن الداية الحاجب إلى الملك بركة رسولا، ومعه ثلاث عمر اعتمر بها عنه بمكة، عملت في أوراق مذهبة، وشيء من ماء زمزم ودهن بلسان وغيره.وفي آخره: نزل بالسلطان وعك، فدارى بالصدقة وأعطى الفقراء مالا جزيلا.وفي ذي القعدة: قدم الراهب كرنانوس بكتاب الملك الأشكري. وكان الأمير جمال الدين أيدفدي العزيزي يكره قاضي القضاة تاج الدين عبد الوهاب ابن بنت الأعز ويضع من قدره ويحط عليه عند السلطان، بسبب تشدده في الأحكام وتوقفه في القضايا التي لا توافق مذهبه. فاتفق جلوس السلطان بدار العدل في يوم الإثنين ثاني عشر ذي الحجة، فرفع إليه بنات الملك الناصر قصة فيها أن ورثة الناصر اشتروا دار قاضي القضاة بدر الدين السنجاري في حياته، فلما مات ذكر ورثته إنها وقف. فعندما قرئت أخذ الأمير أيدغدي يحط على الفقهاء وينقصهم، فقال السلطان للقاضي تاج الدين: يا قاض! هكذا تكون القضاة؟. فقال تاج الدين: يا مولانا! كل شاة معلقة بعرقوبها! قال فكيف الحال في هذا؟ قال إذا ثبت الوقف يعاد الثمن من الورثة فقال السلطان. فإذا لم يكن مع الورثة شيء؟ قال القاضي: يرجع الوقف إلى أصله، ولا يستعاد الثمن. فغضب السلطان من ذلك، وما تم الكلام حتى تقدم رسول أمير المدينة النبوية وقال: يا مولانا السلطان سألت هذا القاضي أن يسلم إلى مبلغ ربع الوقف الذي تحت يده، لينفقه صاحب المدينة في فقراء أهلها، فلم يفعل. فسأل السلطان القاضي عما قاله، فقال: نعم. قال السلطان: أنا أمرته بذلك فكيف رددت أمري؟ قال: يا مولانا هذا المال أنا متسلمه وهذا الرجل لا أعرفه، ولا يمكنني أن أسلمه لمن لا أعرفه، ولا يتسلمه إلا من أعرف إنه موثوق بدينه وأمانته، فإن كان السلطان يتسلمه مني أحضرته إليه. فقال السلطان: تنزعه من عنقك وتجعله في عنقي قال: نعم. قال السلطان: لا تدفعه إلا لمن تختاره. ثم تقدم بعض الأمراء وقال: شهدت عند القاضي فلم تسمع شهادتي في ثبوت الملك وصحته، فسأل السلطان القاضي عن ذلك فقال: ما شهد أحد عندي حتى أثبته، فقال الأمير: إذا لم تسمع قولي فمن تريد؟ قال السلطان: لم لا سمعت قوله؟ فقال: لا حاجة في ذكر ذلك. فقال الأمير أيدغدي: يا قاضي مذهب الشافعي لك، ونولي من كل مذهب قاضيا. فصغي السلطان لقول أيدغدي وانقضى المجلس، إلى أن كان يوم الإثنين تاسع عشره، ولي السلطان القاضي صدر الدين سليمان بن أبي العز بن وهيب الأذرعي الحنفي مدرس المدرسة الصالحية، والقاضي شرف الدين عمر بن عبد الله بن صالح ابن عيسي بن عبد الملك بن موسى بن خالد بن على بن عمر بن عبد الله بن إدريس ابن إدريس بن الحسن بن الحسن بن على بن أبي طالب السبكي المالكي، والقاضي شمس الدين محمد بن إبراهيم الحنبلي ليكونوا قضاة القضاة بديار مصر، وجعل السلطان لهم أن يولوا في سائر الأعمال المصرية، مضافا لقاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز، وأبقى على ابن بنت الأعز النظر في مال الأيتام والمحاكمات المختصة ببيت المال، وكتب لكل منهم تقليدا وخلع عليهم. فصار بديار مصر قضاة القضاة من حينئذ أربعة، يحكم كل منهم بمذهبه، ويلبس كل منهم الطرحات في أيام الخدمة السلطانية. ورسم السلطان أيضاً لمجد الدين عبد الرحمن بن الصاحب كمال الدين عمر ابن العديم بخطابة القاهرة.وفي رابع عشري ذي الحجة: قبض السلطان على الأمير شمس الدين سنقر الرومي واعتقل، وتقدم إلى الخليفة الحاكم بأمر الله ألا يجتمع بأحد، فاحتجب عن الاجتماع بالناس، وفيها تولي الأمير نور الدين على بن مجلي المكاري نيابة حلب، عوضاً عن أيدكين الشهابي.وفيها نزل السلطان من قلعة الجبل بالليل متنكرا، وطاف بالقاهرة ليعرف أحوال الناس، فرأى بعض المقدمين وقد أمسك امرأة وعراها سروالها بيده، ولم يجسر أحد ينكر عليه. فلما أصبح السلطان قطع أيدي جماعة من نواب الولاة والمقدمين، والخفراء وأصحاب الرباع بالقاهرة.وفيها ولي السلطان إمرة عرب آل فضل لعيسى بن مهنا، فسار وطرد التتار عن البيرة وحران، وفيها هلك القان هولاكو بن طولوخان بن جنكيزخان في تاسع عشر شهر ربيع الأول بالقرب من كورة مراغة بالصرع، عن نيف وستين سنة، منها مدة سلطته عشر سنين. وقام من بعده ابنه أباغا، وجهز جيشا لحرب الملك بركة خان، فانهزم هزيمة قبيحة.
|